مكتبة القصص والتأملات الروحية

من يقبل إلي لا أخرجه خارجا

كان زوجي عصبي متقلب المزاج ، أحيانا يبدو لطيفا رقيقا و أخرى يبدو كوحش

مفترس يغضب و يشتم و قد يصل الأمر إلي الضرب و كأنه مصاب بانفصام في

الشخصية ، لذلك عشت حياة بائسة ، كما عانى ماجد ابني من قسوة أبوه

خاصة عندما كان يحاول الدفاع عني ، فيزداد أبوه هياجا و يضربه ضربا مبرحا.

لذلك كان يفضل ماجد أن يمكث أكبر وقت خارج البيت مما أدى إلى تعرفه على

أصدقاء السوء ، و من هنا بدأ مرحلة جديدة إذ عرف الطريق إلى المخدرات ،

فازدادت حياتي بؤسا و في يوم أخبرني إنه مسافر للعمل بالخارج مع أحد زملائه

، و إذ كنت أعاني منه أيضا ، فتركته يسافر بسهولة و بعد عدة شهور أرسل لي

خطابا طويلا رقيقا يقول لي:

" هل تصدقي يا أمي إني أقلعت عن تعاطي المخدرات بعد أن دخل الله لقلبي و

ذلك بفضل صديقي الذي عشت معه في نفس الحجرة و الذي أحتمل بصبر و

حب شديد كل تصرفاتي و كان يصلي لأجلي حتى عرفت محبة المسيح الفائقة

المعرفة. و أنا الآن أعيش حياة سعيدة و أصلي لأجلك ولأجل والدي "

والآن ماذا يكون شعوري بعد قراءة هذه الرسالة ؟ كان لابد أن أسعد كثيرا و لكن

الذي حدث هو عكس ذلك فقد انتابتني روح شريرة من الغيظ و الحقد ، كيف

يعيش سعيدا و أنا هنا معذبة مع أبوه ؟

كتبت له على الفور و طلبت منه أن يرجع لأن أبوه مريض و الحقيقة إنه كان مريضا

حقا و لكن ليس لهذا السبب طلبته بل لأن الشيطان ملأ قلبي غيظا.

عاد ابني في أسرع وقت و هو يحمل إنجيله العزيز و الكتب الروحية و كان وجهه

مشرقا منيرا يختلف تماما عن الوجه العابس الذي سافر به. و في ثاني يوم من

وصوله ، تملكني غيظ أكثر فأخذت الإنجيل و الكتب و ألقتها في الزبالة و لما

سألني عن كتبه ، قلت له بعنف شديد : " في صفيحة الزبالة و مفيش داعي

تعمل الشويتين بتوع الدين والتدين دول علي " لم يجب ماجد علي و لكنه في

ألم و وداعة أسرع ليحضر الإنجيل و ينظفه و يقبله.

ثم ركع بجوار سرير والده المريض و ظل يحدثه عن المسيح ، أما أنا فقد اعتقدت

أن نظري ضعف أو أن النظارة ليست نظيفة ، فقد رأيت أعجب مشهد ، رأيت

زوجي و لأول مرة يبكي و يقول بكل وداعة لماجد ابننا : هل تسامحني على ما

فعلته في حقك؟

فقال له ماجد : لقد سامحتك يا أبي منذ عرفت محبة المسيح ، فقال زوجي : و

هل المسيح يقبلني ؟ ، فقال له ماجد : إن رجعت إليه من كل قلبك ، فهو يقبلك

، فهو لا يرفض إي إنسان ، ثم قرأ لوالده قصة اللص اليمين ، أشرق وجه الآب ثم

نادي علي و قال لي : يا زوجتي العزيزة سامحيني على ما فعلته ، ثم صمت

قليلا و أردف قائلا : "ها أنا أرى المسيح فاتح أحضانه لي أنا الخاطئ ، سأذهب

إليه " وأغمض عينيه في سلام و هدوء .

سالت دموعي و أنا أتعجب كيف قبله المسيح في اللحظة التي ندم فيها على

خطيته ، تأملت وجه ابني فوجدته مشرقا يبدو عليه السلام ، سلام المسيح

الذي يفوق كل عقل ، فقررت أن أذهب أنا أيضا و أرتمي في حضن الآب ،

فسمعت صوته يقول لي :

من يقبل إلي لا أخرجه خارجا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

معاني الكلمات في الأصحاح

إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

Please consider supporting us by disabling your ad blocker!